منذ فجر التاريخ، ظل الذهب أكثر من مجرد معدن ثمين؛ إنه مرآة القلق الإنساني ومؤشر الثقة بالاقتصاد العالمي. واليوم، ومع اضطراب الأسواق وتبدّل موازين القوى المالية، تتسابق البنوك الكبرى والمؤسسات الاستثمارية في إصدار توقعاتها — وبعضها يبدو كـ “تسريبات” مدروسة بعناية — حول مستقبل المعدن الأصفر في عامي 2025 و2026.
🟡 الذهب بين الصعود التاريخي والتذبذب الحذر
في أحدث تقارير J.P. Morgan، تشير التوقعات إلى أن الذهب قد يبلغ 3,675 دولارًا للأونصة بنهاية عام 2025، مع احتمال تجاوزه 4,000 دولار في منتصف 2026، مدفوعًا بارتفاع الطلب من البنوك المركزية وتراجع الدولار.
أما Bank of America فذهبت أبعد من ذلك، إذ رفعت توقعها إلى 5,000 دولار للأونصة بحلول نهاية 2026، معتبرة أن التوترات الجيوسياسية العالمية وتزايد المخاوف من الركود ستدفع المستثمرين نحو الذهب كملاذ أخير.
في المقابل، يتبنى HSBC رؤية أكثر تحفظًا، مع متوسط متوقع قدره 3,355 دولارًا للأونصة في 2025، بينما ترى Citi Bank احتمالًا لهبوط السعر دون 3,000 دولار إذا شهد الاقتصاد العالمي تعافيًا قويًا يقلل الإقبال على الأصول الآمنة.
📈 العوامل التي ستُحرّك السوق
تتفق أغلب البنوك على أربعة محرّكات رئيسية ستحدد مسار الذهب في العامين القادمين:
-
سياسات الفائدة الأميركية — فكل خفضٍ للفائدة يعني دفعة إضافية للذهب.
-
قوة الدولار — علاقة عكسية تاريخية تربط بينهما.
-
شراء البنوك المركزية — ازدياد عمليات التخزين الرسمي للمعدن الأصفر.
-
الاضطرابات الجيوسياسية — كل توتر عالمي يُترجم عادة إلى ارتفاع في الأسعار.
كما تشير تحليلات Goldman Sachs إلى أن 2025 قد يكون عامًا “ذهبيًا” للمستثمرين الذين يتحركون بعقلانية، إذ سيلعب عامل الثقة النفسية في الأسواق دورًا لا يقل أهمية عن التحليل الاقتصادي ذاته.
🧠 نافذة إلى العقل: بين الاندفاع والتبصّر
الذهب لا يُشترى فقط بالأموال، بل يُشترى بالبصيرة.
فالتوقعات مهما بدت دقيقة تبقى رهينة لعالمٍ يتغير بسرعة تفوق أرقام الرسوم البيانية. الاستثمار الذكي لا يطارد السعر، بل يقرأ النية خلف الحركة: لماذا يرتفع؟ ولماذا يهبط؟
في النهاية، يبقى الذهب اختبارًا لقدرتنا على الموازنة بين الطمع والحذر، بين الإشاعة والمعلومة، وبين صوت السوق وصوت العقل.
فمن يمتلك نافذة إلى العقل، يرى أن كل أونصة ذهب ليست مجرد قيمة نقدية، بل رمز للثقة في المجهول.
تعليقات
إرسال تعليق